إدارة الدراسات الإسلامية
EN ع
0

المجلس الثاني والعشرون من كتاب مجالس شهر رمضان بعنوان " الإجتهاد في العشر الأواخر وليلة القدر

في هذه العشر المباركة ليلة القدر التي شرفها الله على غيرها ومن على هذه الأمة بجزيل فضلها وخيرها ، أشاد الله بفضلها في كتابه المبين فقال تعالى "إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا ۚ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (5) رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (6) رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ (7) لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۖ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (8)" وصفها الله سبحانه بأنها مباركة لكثرة خيرها وبركتها وفضلها ، فمن بركتها أن هذا القرآن المبارك أنزل فيها ، ووصفها سبحانه بأنه يفرق فيها كل أمر حكيم يعني : يفصل من اللوح المحفوظ إلى الكتبة ما هو كائن من أمر الله سبحانه في تلك السنة – من الأرزاق والآجال والخير والشر وغير ذلك – من كل أمر حكيم من أوامر الله المحكمة المتقنة ، التي ليس فيها خلل ولا نقص ولا سفه ولا باطل ، ذلك تقدير العزيز العليم .

وقال تعالى "إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)" بمعنى الشرف والتعظيم أو بمعنى التقدير والقضاء ، لأن ليلة القدر شريفة عظيمة يقدر الله فيها ما يكون في السنة ويقضيه من أموره الحكيمة .

قوله تعالى " ليلة القدر خير من ألف شهر " يعني بالفضل والشرف وكثرة الثواب والأجر ولذلك كان من قامها إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه .

قوله تعالى " تنزل الملائكة والروح فيها " يعني الملائكة من عباد الله قائمون بعبادته ليلاً ونهاراً ، يتنزلون في ليلة القدر إلى الأرض بالخير والبركة والرحمة " والروح " هو جبريل عليه السلام خصه بالذكر لشرفه وفضله

قوله " سلم هي " يعني أن ليلة القدر لية سلام للمؤمنين من كل مخوف لكثرة من يعتق فيها من النار ويسلم من عذابها ، " حتى مطلع الفجر " يعني أن ليلة القدر تنتهي بطلوع الفجر لإنتهاء عمل الليل به .

** وفي هذه السورة فضائل متعددة لليلة القدر :

الفضيلة الأولى : أن الله أنزل فيها القرآن الذي به هداية البشر وسعادتهم في الدنيا والأخرة .

الفضيلة الثانية : ما يدل عليه الاستفهام من التفخيم والتعظيم في قوله " وما أدراك ما ليلة القدر "

الفضيلة الثالثة : أنها خير من ألف شهر .

الفضيلة الرابعة : أن الملائكة تتنزل فيها ، وهم لا ينزلون إلا بالخير والبركة والرحمة .

الفضيلة الخامسة : أنها سلام لكثرة السلامة فيها من العقاب والعذاب بما يقوم به العبد من طاعة الله عز وجل .

الفضيلة السادسة : أن الله أنزل في فضلها سورة كاملة تتلى إلى يوم القيامة .

*ومن فضائل ليلة القدر ما ثبت في الصحيحين من حديث أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه )) قال (( إيماناً واحتساباً )) يعني إيماناً بالله وبما أعد الله من الثواب للقائمين فيها ، واحتساباً للأجر وطلب الثواب وهذا حاصل لمن علم بها ومن لم يعلم ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشترط العلم بها في حصول هذا الأجر .

*وليلة القدر في رمضان لأن الله أنزل القرآن فيها وقد أخبر أن إنزاله في شهر رمضان قال تعالى : (( إنا أنزلنه في ليلة القدر )) وقال ((  شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن )) يعني فيها تعيين أن تكون ليلة القدر في رمضان وهي موجودة في الأمم وفي هذه الأمة إلى يوم القيامة .

*وليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان لقول النبي صلى الله عليه وسلم (( تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان )) متفق عليه ، وهي في الأوتار أقرب من الأشفاع لقول النبي صلى الله عليه وسلم (( تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان )) رواه البخاري

*ولا تختص ليلة القدر بليلة معينه في جميع الأعوام بل تنتقل فتكون في عام ليلة سبع وعشرين مثلاً وفي عام أخر ليلة خمس وعشرين تبعاً لمشيئة الله وحكمته ، ويدل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم (( التمسوها في تاسعة تبقى في سابعة تبقى في خامسة تبقى )) رواه البخاري ، وقال في فتح الباري أن أرجح الأقوال أنها في وتر من العشر الأخير وأنها تنتقل .

* وقد أخفى الله سبحانه علمها على العباد رحمة بهم ليكثر عملهم في طلبها في تلك الليالي الفاضلة بالصلاة والذكر والدعاء فيزدادوا قربة من الله وثوابا وأخفاها اختياراً لهم أيضاً  ليتيبين بذلك من كان جاداً في طلبها حريصاً عليها .

 

Picture 

وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية - إدارة الدراسات الإسلامية